الصين و الفضاء الخارجى

هل يعنى قرار وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" إنهاء برنامج المكوك الفضائى بعد 135 عملية إطلاق ناجحة و كارثتين مأساويتين توفيراً لمليارات الدولارات بداية النهاية للولايات المتحدة كقوة عظمى و إيذاناً ببزوغ الصين كقوة عظمى جديدة ؟
هذا ما سنحاول الإجابة عليه خلال السطور القادمة
لقد بدأت الصين فى إطلاق الأقمار الصناعية مما سيشكل شبكة توفر البيانات و القياسات و خدمات التحكم للمركبات الفضائية .
و تثبت الصين كل يوم بأنها أجدر الدول بإعتلاء قمة الهرم الإقتصادى العالمى فبالإضافة لمركبات الفضاء و الأقمار الصناعية فإن الصين لا تعمل على إنتاج طائرات بدون طيار فحسب بل و بيعها أيضاً لدول أخرى خاصة دول الشرق الأوسط .
إن ما يميز الصين عن غيرها أنها تعمل على نقل التكنولوجيا لغيرها من الدول و كدليل على ذلك أطلقت باكستان قمراً صناعياً مما يعد ثمرة للتعاون بين وكالة علوم الفضاء الباكستانية و وكالة الفضاء الصينية فى مجال الإستخدام السلمى لعلوم الفضاء .
لقد بدأت الصين فى بناء نظام الملاحة الفضائى الخاص بها فى عام 2000 لتنهى إعتمادها على نظام جى بى إس الأمريكى .
إن الصين قوة إقتصادية عملاقة حققت تطوراً صناعياً و تكنولوجياً هذا كله أثر فى مفهوم و جغرافية بيئة الأمن الصينى و من هنا الإهتمام بحرية الملاحة فى المياه الدولية و أعالى البحار و الإهتمام بأمن المضايق و مكافحة القرصنة و أثر ذلك كله فى تطوير أفرع القوات المسلحة و دخولها مجالات الحروب الإلكترونية و الفضائية و الغواصات النووية و حاملات الطائرات و الصواريخ بعيدة المدى .
إن من أسس العقيدة العسكرية الصينية التركيز على الأراضى الصينية و ليس الإنطلاق أو التوسع أو القتال خارجها و لهذا لا نجد جندياً صينياً خارج الأراضى الصينية ما عدا إستثناءين :-
الأول :- المشاركة المحدودة فى بعض عمليات حفظ السلام فى إطار الأمم المتحدة .
الثانى :- الخروج بالإسطول الصينى إلى المحيطات و المشاركة فى أعمال مكافحة القرصنة كما يحدث فى منطقة المحيط الهندى و بحر العرب منذ مارس 2010
و لقد إعتادت الصين فى السنوات الأخيرة أن تصدر من حين لآخر كتاباً أبيض يشرح البيئة الأمنية المحيطة بها و يحلل وضع الصين و تطورها الدفاعى و عقيدتها العسكرية .
لم تكتفى الصين بالقنوات الفضائية لإظهار تفوقها الإقتصادى و التكنولوجى و لكنها إتجهت أيضاً للمركبات الفضائية لخدمة أغراضها الدفاعية و التأكيد على مكانتها الإقليمية و الدولية كقوة عظمى وحيدة منتظرة تحاول أميركا معها سياسة الإحتواء و الهند تتسابق معها فى التسلح و فى عدد السكان الذى بدوره يصب فى زيادة شريحة العمال و لكن كلنا أمل نحن شعوب الدول النامية أن تتفوق معجزة القرنين و تعتلى عرش القوة الإقتصادية و العسكرية قريباً .